النثر في العصر العباسي :
وإذا
كانت اللغة إما نثراً وإما شعراً ،
والنثر محادثة، وخطابة، وكتابة، فاحفظ ما يتلى
عليك.
النثر: المحادثة أو لغة التخاطب
إن
لغة التخاطب بين الخاصة من العرب في أواخر العصر الماضي كانت العربية الفصيحة
الخالية من اللحن إلا من آحاد عيروا به، وأن لغة العامة والسوقة من العرب
المختلطين بالعجم هي العربية المشوبة بشيء من اللحن، ولغة المتعربين من العجم تقل
عن هذه في الفصاحة، وتزيد عليها في اللحن بمراتب مختلفة.
فلما تم امتزاج العرب بالعجم عصر الدولة العباسية، تكونت بين العامة في البلاد التي تكثر فيها جمهرة العرب لغات تخاطب علمية، إلا بين أهل جزيرة العرب، فلم يزل تخاطبهم باللسان العربي الفصيح إلى أواسط القرن الرابع. وبقيت لغات التخاطب في البلاد التي تقل فيها جاليتهم هي اللغات الوطنية الأعجمية ممزوجة ببعض الألفاظ العربية التي أدخلها عليها الإسلام.
وخاف الخلفاء والخاصة من هول تغلب العامية على الفصيحة فيستغلق على المسلمين فهم الكتاب والسنة وهما كل الدين، فحرضوا العلماء على تدوين اللغة والإكثار من العناية بضبط النحو وفنون البلاغة، ولكن ذلك كله لم يوقف تيار العامية الزاخر، واستمر في طغيانه إلى أن غلب في النصف الأخير من عصر هذه الدولة على جميع لغات التخاطب، حتى لغة الخلفاء وعلماء العربية أنفسهم وأصبح لكل بلاد عربية لغة تخاطب عامية خاصة بها، ولكن لم تصبح العامية لغة علم وأدب، كما وأن ذلك لم يكن طويل الأمد.
الخطابة والخطباء
ثم لما فترت هذه الدواعي باستقرار الدول. واشتد اختلاط العرب بالأعاجم. وتولى كثير من الموالي قيادة الجيوش وعمالة الولايات والمواسم، ضعف شأن الخطابة لضعف قدرتهم عليها، فلم يمض قرن ونصف من قيام تلك الدول حتى بطل شأن الخطابة إلا قليلاً في المغرب أيام الحفل وقدوم الوفود وبقيت الخطابة قاصرة على خطب الجمعة والعيدين والمواسم وخطب الزواج ونحو ذلك. وقل فيها الارتجال أو عدم جملةً، وحل محل الخطابة في الأمور السياسية نشر المنشورات، وفي الأمور الدينية مجالس الوعظ والتدريس في المساجد والمدارس، واشتهر في صدر الدولة العباسية خطباء أشهرهم داود بن علي، وشيب بن شيبة.
المصدر //// كتاب جواهر الأدب في أدبيات وإنشاء لغة العرب لأحمد الهاشمي طبعة دار الجيل
شكرا للقراءة نتمنا لك الاستفادة
مع تحيــــــــــــــــــــــات
مدونة تحفة القصر في الأدب العربي
0 التعليقات:
إرسال تعليق